لم تنتابني أي نوع من أنواع الدهشة وأنا أشاهد توالي الأهداف الهلالية في شباك الأهلاوية في الشوط الثاني لتلك المباراة التي أقيمت في قلب السودان في المحطة قبل الأخيرة لدوري المجموعات الأفريقي للأندية الأبطال.
كل المقدمات كانت تشير إلي ذلك وتنبئ بحدوثه وكانت رؤية ذلك أكثر وضوحا من استطلاع "هلال" رمضان في ظل قوة "هلال" أم درمان علي أرضه وبين جماهيره المتحمسة، وتملك الإرهاق من جسد الفريق الأهلاوي بعد صراع متعدد الجبهات خاضه الفريق علي كل المستويات دون أن يذق فيها طعم الراحة، أو حتى التوقف باستراحة قصيرة لمواجهة فريق ضعيف يستشفي أمامه من عناء الصراع ويستعيد مخزونيه اللياقي والبدني اللازمين لاستمرار التألق الفني.
كان الفريق مجبرا دائما علي العدو في اتجاه البطولات بأقصى سرعة، وكأنه يفر من أمام وحش كاسر أبي إلا أن يطارده حتى الوصول إلي منصات التتويج التي اعتادت أن تري لاعبي الأهلي وهم يحتفلون عليها حاملين الكئوس وبريق الميداليات الذهبية يلمع حول أعناقهم، وهتافات جماهيرهم الحبيبة تدوي لتناديهم وتحييهم في مشهد أصبح معتادا للعالم بأثره ومحببا لقلب كل أهلاوي يعشق ناديه ويهتف فؤاده باسمه كحبيب ينادي علي حبيبه أينما حل في ملكوت الله عز وجل.
من هنا كانت الرؤية واضحة إذا شاهدتها –عزيزي القارئ – وأنت ترتدي منظار الواقع وتتكلم بلغة المنطق التي يتجاهلها أناس كثر لا هم لديهم إلا الهجوم علي الأهلي وإدارته ومعانقة اللحظة للتشفي في كيان عملاق لطالما سقاهم من المر شتي الألوان، فها هو الإجهاد وقد حل في أوصال لاعبين مارسوا هوايتهم في حصد الكئوس ليتركوا الفرحة لجماهيرهم، ويصعدوا سلم الطائرة المتوجهة نحو الأدغال الأفريقية متطلعين للقب جديد وصراع آخر عتيد، تاركين لنا ذكريات فرح لم يجدوا الوقت للاحتفال به، ولم يألوا جهدا في محاولة الظفر به في عادة راسمين علي وجوه أحبائهم علامات السعادة.
وفي زمرة حصد البطولات والألقاب نست بعض جماهير الأهلي الحبيبة أن لاعبي الأهلي بشر مثلهم – ولو كانوا يقاتلون ببسالة الكوماندوز وشجاعة الأبطال – نسوا أن لاعبي الأهلي واصلوا مسيرة الكفاح وحصدوا كل ألوان النجاح طوال ثلاث سنوات لم يعرفوا فيها معني وشكل الراحة السلبية التي يمارسها كل البشر في شتي بقاع العالم، نسوا أن الفريق بأكمله مثخن بالجراح مكتويا بنار الإصابات بشتى أنواعها ومجبر علي خوض أعتى المواجهات بشكل متتالي متدرج من القوي إلي الأقوى في مشهد قلما نجده علي أرض الواقع ..، وحتى لا تنسي الجماهير الحمراء العاشقة ذلك ..، وفي ظل اتحاد كروي لم نعرف معه بداية ونهاية الموسم الجديد من المنصرم ..، لم يكن أمام لاعبي الأهلي المقاتلين إلا أن يكتبوا قصتهم من قلب السودان ..، وفي ظل أجواء إرهابية وبحروف حمراء دموية كانت أرض أم درمان شاهدة علي قصة دموية، "قصـة عملاق أحمر ... متخفي في صورة البشر".
"إرهاب قادم من الأحباب" !
لم تكن المشاهد التي شاهدناها وسمعنا عن حدوثها من قبل الأشقاء في السودان، إلا إرهابا يهدد المشاعر الطيبة التي توارثها الشعبين المصري والسوداني أبا عن جد، في مؤشر جد خطير استجد علي شعب أراه طيبا خضع لتأثير آلات إعلامية لأناس تجهل هدف الإعلام النبيل في توطيد أواصر الشعوب العربية علي كل الأصعدة.
فما فعله الإعلاميون السودانيون من بث الإثارة والفتنة بين الأحباء من أجل قطعة من الجلد، لأمر يسبب الحسرة والألم أن تقودنا الملاعب الخضراء إلي المعارك الضارية، في وقت ما زلنا نشترك كشعبين متجاورين شقيقين في نيل واحد وحّد من صفاتنا العربية الطيبة، حتى وإن أنكرها صحفي أهوج رأي أن النيل المشترك كان "نيله" ووبالا علي علاقة مفترض أنها أخوية رياضية تنافسية بين "الأهلي" المصري الكبير وشقيقه الأصغر "الهلال".
من حق كل "هلالابي" أن يفرح ويسعد ويرقص ويغني لفوز فريقه علي عملاق أفريقيا الأول، ومن حقنا أن نحزن ونعترض علي سلوك قوبلنا به من جماهير كنا – ومازلنا – نعتبرهم أشقاء لنا، أذاقونا كل ألوان الإرهاب لينتشلوا فوزا ملوثا بدماء أشقائهم، ونحن إذ نأسف علي ذلك، نتمنى أن نلقاهم مرة أخري في حب الأميرة الأفريقية، ووقتها سيعرفون أن الأميرة ستختار فارسها الحبيب بعيدا عن إرهاب سوداني عجيب.
"حركة كفـاية .. وبداية النهاية" .. !
لم تكن جماهير "الزمالك" تعرف وتعي أنها مقبلة علي كارثة حقيقية ستكتب باسمهم في الأوساط المصرية، في لحظة هتفوا فيها بصوت - هز أرجاء المعمورة - لأكثر من ثلاثين ألف زملكاوي مرددين ومطالبين "إمام" الأدب و"موهبة" الملاعب الرقيقة أن يكتفي بما قدمه من فنون علي المستطيل الأخضر، في وقت سرق منهم "الغضب" عقلهم وقلبهم معا ليقودهم إلي حادثة اغتيال تقودهم حتما إلي سجن أبدي يحرمهم من تواجد المواهب النبيلة فور كل مباراة تأتي نتيجتها بما لا تشتهي الجماهير.
والمدهش أن نتائج الحركة جاءت سريعة، وبشكل مدهش علي قلة من جماهير الأهلي – أراهم ليسوا كذلك – فأصبح أي لاعب يمرر كرة بشكل خاطئ أو يكون في برج نحسه مهددا بأن يقولوا له "كفاية"، بل وذهب البعض متوعدا ومرددا ومهددا بأن يصرخ بكفاية إلي المدير الفني للأهلي "جوزيه" في مشهد يبدو غريبا علي عقول واعية تفكر بشكل منطقي بعيدا عن تفريغ ما يملكونه من شحنة غضب إثر هزيمة قد تحدث لكل فرق العالم.
وظني أن من يردد مثل هذه الشعارات، أبي إلا أن يشتهي لذة لم يتذوقها بعد، بعد أن اعتاد لذة الانتصارات وحصد البطولات، ونحن إذ ندين تلك الشعارات المحبطة الجديدة علي ملاعبنا وجماهيرنا، فأننا نطالب هؤلاء أن يكفّوا علي أفعالهم الصبيانية حتى لا يكون فريقهم هو ضحية هذا التصرف العبثي الذي لا يقود إلا إلي النهاية.
"هزيمة مفيدة .. ومؤشر بوصلة جديدة" .. !
لا أبدو شديد التفاؤل إن جاهرت بأحاسيس تعتمل بدواخلي تؤكد لي بأن الهزيمة مفيدة لإعادة شحن الفريق من جديد، وتزويده ببطارية الانتصارات المتقطعة منذ فترة، وأن الفترة المقبلة ستشهد عودة العملاق الأهلاوي في صورته الحقيقية التي يعرفها عنه جمهور القارة السمراء قاطبة، بل أن أحاسيسي تؤكد لي أن الأهلي سيواجه الهلال مرة أخري في مقارعة بجوار منصة التتويج، ووقتها سنري عملاقا وحشيا متجسد في صورة بشر، قادر علي عبور كل الأجواء، معلنا أن الأميرة ستكون في تلك الليلة حمراء، وأن لحن الانتصار الأحمر سيجوب القارة نحو اليابان مرة ثالثة بأمر الله .، ولكن ما يقلقنا علي الأهلي ليس هزيمته المتوقعة في تلك الأجواء، ولا تراجع مستوي قد يمر به كل فرق العالم، بل هي الأجواء الجديدة التي شهدها الفريق الأحمر في الآونة الأخيرة من حالات تمرد عديدة لأعمدة أساسية في الفريق، حالات لم نكن لنسمع عن تواجدها بين جدران نادينا الفارس الأفريقي العتيد، ولم تكن لتتواجد في منظومة عرفت طريق الاستقرار ومن ثم حصد الانتصار والبطولات وعشقته منذ البداية فكان تحقيق البطولات هو الواقع المعتاد في النهاية.
من هنا يجب أن نعود بمؤشر البوصلة إلي وضعه الطبيعي، وضع الاستقرار والحب السائد، وإنكار الذات، والتضحية وبذل كل الطاقات ..، وهنا ستعود الأمور طبيعية كما كانت، وسيعود اللاعبون إلي بوتقة الانتصارات التي اعتادوا عليها، وتنفسوا من نسماتها العطرة، وسيعود الأهلي فريقا مرعبا بعد أن استراح استراحة محارب، وشاهد بعينه كيف تتسبب الخلافات في تحطيم الهمم وجلب الانكسارات، وهي صفات غير متواجدة في فريق كالأهلي يعشق صيد البطولات.
عجـــــــــايب !
- كان خط وسط الأهلي حائطا لصد هجمات المنافسين، والآن ويا للعجب تكسرت عنده هجمات أفراده، وأصبح المرور منه وإليه أسهل من المرور إلي قلب القاهرة.
- بعد أن كان صديقا لهم، يعشقونه ويلتزموا بأوامره، أصبح عاشقا للأزمات مع لاعبيه، فهل هو محق في ذلك، أم انه الغرور أصاب شرايين قلبه.
- نزل إلي الملعب في وقت قاتل، وإذ به يتحسس الخطي للقاء حبيبته "الكرة" سمع نداء هز عقله وحطم قلبه يطالبه بالابتعاد عنها أبد الدهر، قلبي معه ومع كل عاشق مثله.
- كانت الفرصة سانحة أمامه بعد أن وجد نفسه يخاطب الجماهير علي مقرب من شهر محبب تواجده فيه، ولكن يبدو أن "البندق" انكسر قبل مطلع شهر الصوم.
- فريقان فقط، مصريان، متخصصان في منح المتعة لجماهيرهما، في عرضة للهلاك والخطر، والسبب اتحاد مصري .. معاصر جداُ.
أبراج رياضية جدا !
برج الجزيرة : ستواجه بحر من الأمواج المتلاطمة والأعاصير والزوابع هذه الأيام،ستكون قادرا علي تجاوزها مع مطلع شمس الشهر الجديد.
برج ميت عقبة : الظروف سامحة أمامك للتألق والازدهار، اغتنم الفرصة قبل ألا تأتي مرة أخري.
برج الدراويش : مرحلة من التقلبات المزاجية ستهب علي مشاعرك، إلزم الثبات حتى تنعم بالسعادة والاستقرار، ولا تعوم ضد التيار.
برج الجماهير : هناك اختبارات صعبة وألغاز مطالب بفك شفراتها، وحبيبك في عثرة، قف بجواره وقدم له باقة من الورود الحمراء والبيضاء والصفراء، فالأصالة كنز أنت علي قدره.